حسين البرغوثي
1954م تاريخ الميلاد
2ـ5ـ2002 تاريخ الوفاة
كوبر رام الله مكان الميلاد
شاعر وناقد ومترجم
حصل على دكتوراة في الادب المقارن من الولايات المتحدة الامريكية جامعة سياتل، عمل استاذا في جامعة بيرزيت قسم الدراسات الثقافية. كان يجيد الانجليزية والمجرية. أصيب بالسرطان وتوفي في الثاني من أيار 2002 ودفن حسب وصيته في قرية كوبر في رام الله. من اعماله:
ـ ازمة الشعر المحلي- دراسة- دار صلاح الدين- القدس 1979.
ـ سقوط الجدار السابع- رواية -دار العامل- رام الله1981.
ـ الضفة الثالثة لنهر الاردن- رواية- دار شروق- رام الله 1983.
ـ الرؤيا- شعر- اتحاد الكتاب- القدس 1989.
ـ ليلى وتوبة - شعر- اتحاد الكتاب-القدس 1992.
ـ توجد الفاظ اوحش من هذه-وزارة الثقافة الفلسطينية-رام الله 1998.
ـ الضوء الازرق ـ سيرة
ـ سأكون بين اللوز
ـ حجر الورد
ـ السادن
ـ قصص عن زمن وثني
بقدر ما يعتمد نص قصص عن زمن وثني على حكايات وقصص من الموروث الديني والشعري المرتبطين بعناصر من الطبيعة، فهو يقوم على إعادة قراءة وتركيب لهذه العناصر، كما ينطوي على رؤية خاصة تتسم بقدر من الشاعرية.
يحملنا البرغوثي منذ بدايات نصه قصص عن زمن وثني إلى ما عرف بعصر الجاهلية، وهو العصر المعروف بمائة وخمسين عاما تقريبا قبل الإسلام، أيام امرئ القيس وعبيد بن الأبرص مثلا، فندخل معه إلى وادي عبقر، ونلتقي كلا من لافظ بن لاحظ امرئ القيس، وما يشير إليه اسمه من لفظ ولحظ ، و هبيد شيطان ابن الأبرص وما يتعلق به هذا الاسم من تعامل مع الحنظل وإزالة لمرارته.. وتأثير هذا الاسم في طبيعة شعر كل من الشاعرين. وهذا جانب كان يمكن للبرغوثي أن يذهب فيه أكثر مما فعل لو تهيأت له فرصة الغوص أكثر مما فعل، كأن يتوقف أكثر وأعمق عند طبقات الشياطين وربطها بطبقات الشعراء المعروفة، من حيث المستند الذي تقوم عليه الطبقات، والنتائج الشعرية الناجمة عن انتماء هذا الشاعر إلى أي من الطبقات المتعارف عليها في الشعر العربي، وارتباط مستوى الشعر بالطبقة الاجتماعية التي ينتمي الشاعر إليها، وهو ما يمكن لباحث جاد أن يفعله بالاستعانة بما توجهت إليه الدراسة من معطيات.
أمر آخر يستوقف قارئ القصص القادمة من الزمن الوثني ذاك، هو ربط الشعر بالهندسة من خلال منظومة المربع والمثلث، عبر قراءة لمعلقة امرئ القيس وربطها ببعض المعتقد الوثني المرتبط بدوره بالأفلاك والنجوم، فهو يقرأ حضور ثلاثة أشخاص (المثلث) في قول الشاعر قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل وسط أربعة أمكنة في قول الشاعر بسقط اللوى بين الدخول فحومل/ فتوضح فالمقراة.. ، وهنا ربط بالثالوث الأنثوي المقدس- كما يقول- والأكثر سطوة بين العرب اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، كما يرتبط بمعبد العزى الواقع في وادي سعام قرب مكة، وهو المعبد المكون من ثلاث سمرات تزورها قريش وتذبح لها القرابين ، والسمرات شجيرات مقدسة للعزى ، حيث لكل آلهة سمرة ، وحيث المثلث المقدس يرمز تقليديا إلى عضو الأنثى في كل من بابل وفلسطين ولبنان وسورية وشبه جزيرة العرب.
في (قصص عن زمن وثني) يتقمّص معلّمي شخصية تاجر يماني في قافلة عائدة إلى مكّة، وتعبر القافلة مناطق موحشة، وبراري لا مأنوسة، وأودية مظلمة حيث ملاعب الشياطين وزجل الجنِّ على حفافي وأعماق وادي عبقر، هناك الشجر يحلم، واللغة أجراس من نجوم وضوء بارد، وما تستوحش الروح منه .. وتوسوس به ظلال شعاب ونخل الوعر المقمر.
دليل القافلة رجل من بني سهم يغزل الصحراء بقدميه، النوق ترغي، وثمَّة هرج ومرج، وتجار قادمون من مجاهيل الصحراء يرتجزون .. ويظهر لافظ بن لاحظ، كبير الجنِّ، شيطان امرئ القيس على ظهر ظليم، ويبدو شبحاً أطول من ناقة، بظهر عارٍ تتشعب عليه طحالب من نمش أخضر ..
والتاجر اليماني - الرواي - ذاهل بين اليقظة والحلم، يتأرجح كوتر ربابة مجروح بالليل .. ويلتقي الراوي "القرشي" الذي يوضح له قصة لافظ بن لاحظ هذا وهبيد، شيطان عبيد بن الأبرص .. وينتقل الراوي إلى غرائبية الطفل الذي سلَّمته كاهنة إلى سادن الكعبة، طفل ولدته نساء يحبلن بأحجار ، طفل من نسل الجنّ، يكتحل بالإثمد الأسود، مربّع الوجه ينطق بلغة غير مفهومة.
في حوارية متوترة بين الراوي وامرئ القيس حيث سلطة الذاكرة، الروح، يبدو امرؤ القيس فكرة هائمة في الزمن، تبحث عن كائنات من لحم ودم لتحلّ فيها .. شبحية امرئ القيس تشكِّل جزءاً من "حقيقة الروح"، هذه الشبحية الهائمة تهيمن وتسيطر، حيث تظهر كهمزة وصل بين الصحراء والمستقبل .. وامرؤ القيس بصوت أمير جليل، يمزج صلابة البدوي بنعومة اللغة، ترنُّ ذبذبات قلبه كأجراس قصر غمدان .. ويذهب الحوار إلى المعلَّقة في محاولة لتفكيكها للعثور على "حجر سنمّار"، ليقبض على الرقمين (7) و(28)، وعلاقة ذلك ببحور الشعر عند الخليل بن أحمد الفراهيدي والرياضيات المقدَّسة .. تصير النجوم حروفاً والسماء كتابة متاهية موشومة.
مـن هنــــا-