النص المؤسس ومجتمعه، السفر الأول والثاني
تأليف: خليل عبد الكريم
544 صفحة
الطبعة: 1
مجلدات: 2
الناشر: دار مصر المحروسة
تاريخ النشر: 01/04/2002
انبثقت نصوص الذكر الحكيم، أي سورة وآياته، في ضحايا المجتمعين المكي واليثربي ومن ثم حملت همومهما وناءت بمعاناتهما في كل ضروب الحياة، فكلما اعترضت القوم حدث أو نازلة قابلتها آية أو عدد من الآيات التي تفكك عقدتها. من هنا تبرز الرابطة الوثيقة بين الآية وبين سبب نزولها ويقول الباحث بأنه ليس ومجتمعه هناك أصدق من "أسباب النزول" وليلاً على ما يذهب إليه في بحثه في الذهن المؤسس فهي محيط عميق يموج بأشتات من الأخبار تلمس باليد قبل العين استقرار الصلة بين نصوص (الأمر: البشري-القرآن) ومن توجه إليهم، إلا أن ذلك لا يعني أن الباحث يمم شطر البحث في كتابه هذا في أسباب النزول، على الرغم من أنه اتكأ عليها بدرجة ملحوظة لما لها من دلالات متعددة في مقدمها زمن حدوث النص ومكانه، إنما هو يمم شطر هدف جوهري وغرض رئيس وقصد أصيل وهو التأكيد أن القرآن الكريم أسس نصوصه وبنى آياته وأقام عمد متنه ضمن التاريخ وفي داخل مسيله وفي قلب تياره وفي باطن مجراه.
فهو إذن ليس مجرداً أو مفارقاً أو مغايراً أو مبايناً للتاريخ الذي واكبه وللزمن الذي تولد فيه كمال الكتابين المقدسين التوراة والإنجيل اللذين سبقاه في البزوغ أو الظهور لا في القيمة أو المحتدى أو المضمون أو اللب. وهنا يرى الباحث بأن التحام القرآن بتاريخ شروقه وامتزاجه بزق طلوعه هو من بين أسباب شدة نفاسته وارتفاع قدره وشموخ مكانته وسمو رتبته وعلوّ جاهه وذلك لأنه التحم بالواقع ومسّ الحياة وخالط المعاش وجميعه نغمه المصداقية ووهبه الحيوية وأعطاه النضارة ومنحه الشباب وتولدت عنه الاستمرارية ونتجت عنه الديمومة وانبثق عنه الخلود.
وهذا الكتاب ما هو إلا محاولة مسبوقة لرفع الستار وكشف الغطاء عن هذه الجوانب المبهرة في الذكر الحكيم. والباحث لا يسوق ذلك من غير دليل ولا حجة ولا برهان، ولكنه يضع بين يدي القارئ الأدلة القواطع والبراهين الساطعة والحجج الدافقة على صحة ما يذهب إليه ويتبدى ذلك في هيئة التوثيق المبالغ فيه: والكتاب، إلى هذا، ليس في التفسير، فمنهج البحث والدراسة فيه يغاير منهج التفسير، وهو إلى ذلك أيضاً ليس للتدليل على أن التفسيرات والمدلولات والاجتهادات التفسيرية التي لاءمت أو ناسبت مفتتح القرن الأول الهجري تصلح للمستجدات المدهشة لفواتح القرن الخامس عشر الهجري أو أواسطه أو خواتمه، إنما الذي ابتغاه معطيان: الأول: أن القرآن العظيم نص مفتوح ومحاولة تسبيجه ضررها أضعاف نفعها، ويكفي أنه تفصل في دور في غاية الروعة وهو الارتباط العضوي بالمجتمع الذي انبثق بين جنياته سواء في "بكة أو يثرب فعلي من يود تفسيره مجتهداً أن يؤمه مباشرة الآخر: "إن أسباب النزول" وما كشفت عنه بجسارة من حلول وآراء وفتاوى واستشارات ومعارف وعلوم واكبت الآيات التي تلبث زمنها فلا يطلب إنزالها بحرفياتها على مستجدات هذا القرن الحالي إنما الهدف هو الاستهداء فحسب بالمبادئ أو القيم التي من الممكن استقطارها منها، لأن العبرة في المعاني لا في المباني. وعلى هذا يمكن القول بأن البحث في النص المؤسس ومجتمعه ما هو إلا رؤية معاصرة للعلاقة بين النص القرآني وأحوال المجتمع الذي أنزل فيه.
لتحميل الكتاب كاملاً - أضغط على الرابط التالي
-