الأحد

إبراهيم ناجي



إبراهيم ناجي، شارع مجيد، تألفه النفس، ويصبو إليه القلب، ويأنس إليه قارئه أحياناً، ويطرب له سامعه دائماً.. هو شاعر هيّن، ليّن، رقيق، حلو الصوت، عذب النفس، خفيف الروح، قوي الجناح. تصل معانيه إلى قلبك قبل أن تصل ألفاظه في طلاوة وسهولة وعذوبة، وقد جمعت ديباجته بين ميزة القديم والحديث، وامتاز شعره بروعة الابتداء وجودة المقطع.. وشعره مطبوع على الطرافة والابتكار وأما ثقافة ناجي، فهي لم تقتصر على شاعريته الخصبة فحسب وإنما تعدتها إلى مجالات أوسع وأكثر تشعباً، فهو أديب وعالم متوقد الذهن، غني الثقافة، غزير المواهب، واسع الاطلاع، ملم بالثقافة العالمية، كتب في الصحف والمجلات المصرية المقالة الأدبية والقصة، وحاضر في مختلف الأوساط الأدبية والأندية، الفكرية، وتناول بالدراسة المعمقة أدبنا العربي قديمه وحديثه. له آراء بثها مع رفاقه من جماعة "أبولو" لم تعجب أنصار القديم وهي آراء عصرية تعتمد على الاكتشافات الحديثة في علم النفس والاجتماع، وتدعو إلى ضرورة أن يساير الأدب تطور المجتمعات وأن يواكب كل المتغيرات الطارئة. وإضافة إلى آثاره الشعرية ومقالاته الصحفية خلّف إبراهيم ناجي مجموعة من الكتب والرسائل والترجمات منها المطبوع ومنها غير المطبوع. إن حياة ناجي القصيرة كانت زاخرة بالعطاء إذ ترك الشاعر زاداً وفيراً لعشاق الأدب شعراً ونثراً وترجمة. وما كاد يبلغ مرحلة النضوج الفكري حتى اغتالته يد المنية فخسر الأدب بغيابه أحد أركانه البارزين.

وهذا الكتاب ضمّ قصائد ناجي التي جائت ضمن دواوينه الثلاثة. الأول أصدره الشاعر تحت عنوان "وراء الغمام" وقد ضم الديوان قصائد ومقطوعات شعرية تدور بمعظمها حول الحب والجمال، وفيها تصوير لشتّى الحالات التي يمرّ بها العشاق من وصال وفرح ولوعة. أما ديوان ناجي الثاني فكان تحت عنوان "ليالي القاهرة" وفيه تصوير للظلام العصيب الذي خيّم على القاهرة إبّان الحرب العالمية الثانية التي اندلعت في العام 1939 حيث أمضت مصر أسوأ أيامها ولياليها في أجواء من الكآبة والحزن. يقع القارئ في هذا الديوان على ملحمة "الأطلال" وملحمة "السراب" وهي قصائد طويلة تعبّر وجدان الشاعر وتصوّر آلامه وهواجسه، وهي في مجملها امتداد لديوان الأول لولا أنها تتضمن بعض أشعار المديح والرثاء والتكريم وغيره من شعر المناسبات الذي تفرضه ظروف كل مجتمع.

وعن ديوانه الثالث، يمكن القول بأنه الديوان الذي جُمع بعد وفاته وأطلق عليه تسمية "الطائر الجريح"، وقد ضمّ مختارات شعرية تصوّر حياة صاحبها الذي عاش ظامئاً على وفرة الموارد حوله، وجائعاً على وفرة الزاد. في هذا الديوان استطاع الشاعر أن يستر ظاهرة، إلا أنه لم يستطع أن يستر باطنه فقد بدى واضحاً لقارئ الديوان أن للشاعر روحين مختلفتين: روح وهبها للناس، وروح احتفظ بها لنفسه كالتي وهبها هي روح المرح والبشاشة والحبور، التي انفرد بها لنفسه هي الروح المعذبة. إن قصائد هذا الديوان تعبير عن آلام المحبين وآمالهم، قد سطرها في أيام محنته وبؤسه.


إبراهيم ناجي - الطائر الجريح


إبراهيم ناجي - ليالي القاهرة


إبراهيم ناجي - الأعمال الكاملة



-